محنة MSTR: البيع على المكشوف والصراعات الداخلية

في الآونة الأخيرة، من المحتمل أن حاملي MSTR (Strategy) يواجهون صعوبة في النوم.

ما يُعرف بـ"البنك المركزي للبيتكوين"، الذي كان يُعتبر سابقًا رمزًا للثقة، شهد تراجعًا كبيرًا في سعر سهمه. مع انخفاض البيتكوين من أعلى مستوياته التاريخية عند 120,000 دولار، فقد سهم MSTR وقيمته السوقية أكثر من 60% في فترة قصيرة. وهناك احتمال لاستبعاد MSTR من مؤشر MSCI للأسهم.

انخفاض سعر البيتكوين وسهم MSTR لا يمثل سوى مظاهر سطحية. ما يقلق وول ستريت فعليًا هو تصاعد الأدلة على أن MSTR أصبح محور معركة للسيطرة النقدية.

وهذا أمر واقعي.

خلال الأشهر الماضية، بدأت أحداث متفرقة تبدو مترابطة: اتهام JPMorgan بزيادة مراكز البيع المكشوف ضد MSTR بشكل كبير؛ تأخر التسوية للمستخدمين عند نقل أسهم MSTR من JPM؛ تحركات متكررة في سوق المشتقات لقمع البيتكوين؛ وتصاعد الجدل السياسي حول "العملات المستقرة للخزانة" ونموذج "احتياطي البيتكوين".

هذه الأحداث ليست منفصلة.

MSTR تقف عند مفترق طرق بين نظامين نقديين أمريكيين متنافسين.

من جهة، المؤسسات المالية الراسخة: الاحتياطي الفيدرالي، وول ستريت، والبنوك التجارية (بقيادة JPMorgan). ومن جهة أخرى، النظام المالي الناشئ: وزارة الخزانة، بنية العملات المستقرة، ونظام مالي يعتمد البيتكوين كضمان طويل الأمد.

في هذا الصراع البنيوي، البيتكوين ليس الهدف النهائي، بل هو ساحة الصراع. MSTR تشكل الرابط الذي يحول دولارات وديون المؤسسات التقليدية إلى تعرض مباشر للبيتكوين.

إذا ترسخ النظام الجديد، تصبح MSTR القناة الأساسية. وإذا انتصر النظام القديم، فإن MSTR هي الكيان الذي يجب إضعافه.

لذا فإن الهبوط الأخير لسهم MSTR لا يمثل مجرد تقلبات سوقية اعتيادية. هناك ثلاث قوى تتفاعل: التصحيح الطبيعي لسعر البيتكوين، نقاط الضعف البنيوية في MSTR، وتداعيات تغير موازين القوى داخل النظام الدولاري.

عزز البيتكوين هيكل وزارة الخزانة النقدي المستقبلي، بينما قلل من مكانة الاحتياطي الفيدرالي. تواجه الحكومة قرارًا صعبًا: للحفاظ على نافذة التراكم منخفض التكلفة، يجب على JPM الاستمرار في الضغط على البيتكوين.

الحملة ضد MSTR منظمة. يدرك JPMorgan هذه الاستراتيجية تمامًا، فهو من وضع قواعد اللعبة. قام بفحص تدفقات رأس المال، هيكل الدين، والسرد السوقي لـ MSTR بدقة.

تُعرض هنا السيناريوهات الأربعة المحتملة لانهيار MSTR—كل منها نتيجة مدروسة من النظام التقليدي.

الوضع الأول: استغلال الأزمة

هذا هو السيناريو الأكثر وضوحًا وتداولًا: إذا استمر انخفاض BTC، تزيد الرافعة المالية من خسائر MSTR، يهبط سعر السهم، تختفي فرص إعادة التمويل، ويتبع ذلك انهيار متسلسل.

هذه الفرضية واضحة، لكنها ليست جوهر المشكلة.

الجميع يدرك أن "هبوط BTC سيعني مشاكل لـ MSTR"، لكن القلة فقط يستطيعون تحديد النقطة التي تتحول فيها MSTR من "صلبة" إلى "هشة".

تعتمد الميزانية العمومية لـ MSTR على ثلاثة مؤشرات رئيسية:

إجمالي حيازة BTC يتجاوز 650,000 عملة (ما يعادل حوالي 3% من إجمالي البيتكوين)

متوسط تكلفة العملة الواحدة يقارب 74,400 دولار

بعض الديون تحمل مخاطر سعرية مضمّنة (ليست تصفية قسرية، لكنها تؤثر على صافي الأصول)

تعامل معظم سيناريوهات "MSTR إلى الصفر" الأمر كعقد تداول مع تصفية قسرية، لكن في الواقع، ليس لدى MSTR سعر تصفية قسري، بل لديها "سعر تصفية وفق السرد".

ما المقصود بذلك؟

حتى إذا لم يقم الدائنون بالتصفية، يمكن للسوق أن يسحق السهم. عندما يهبط السعر بشكل كافٍ، تعجز MSTR عن إصدار سندات أو أوراق قابلة للتحويل جديدة لدعم موقفها.

يقوم JPMorgan ولاعبون آخرون من النظام التقليدي ببيع MSTR على المكشوف في سوق الخيارات الأمريكي. نهجهم بسيط: استغلال تراجع البيتكوين لبيع MSTR بشكل مكثف وإثارة الذعر. هدفهم: كسر أسطورة Michael Saylor.

هذا هو أول خطر كبير لـ MSTR: هبوط البيتكوين إلى مستوى لا يرغب فيه أحد بتمديد رأس المال.

الوضع الثاني: الدين على الأبواب

قبل الحديث عن السندات القابلة للتحويل، يجب توضيح الاستراتيجية التي يتبعها Michael Saylor، الرئيس التنفيذي لـ MSTR.

يظن الكثيرون أن MSTR تشتري البيتكوين من أرباحها فقط. الواقع أن الشركة تمارس استراتيجية الاستدانة لشراء الأصول بشكل مكثف.

التكتيك الأساسي لـ Saylor: إصدار سندات قابلة للتحويل، اقتراض دولارات، وشراء بيتكوين.

خلال هذا العام، أصدرت MSTR أوراق مالية بقيمة إجمالية تبلغ 20.8 مليار دولار—حجم نادر بين الشركات المدرجة أمريكيًا في عام واحد. التفاصيل: 11.9 مليار دولار أسهم عادية، 6.9 مليار دولار أسهم ممتازة، و2 مليار دولار سندات قابلة للتحويل.

يبدو الأمر اعتياديًا، لكن التفاصيل تصنع الفارق.

هذه السندات تدفع فوائد منخفضة للغاية (بعضها أقل من 1%). لماذا يشتري المستثمرون؟ لأن السندات تتضمن خيار شراء. إذا ارتفع سهم MSTR، يستطيع الدائنون تحويل الدين إلى أسهم وجني الأرباح؛ إذا لم يحدث ذلك، تدفع MSTR أصل الدين والفائدة عند الاستحقاق.

هذه هي "الدورة التصاعدية": إصدار دين لشراء بيتكوين، يرتفع البيتكوين، يرتفع سهم MSTR، يرضى الدائنون، ترتفع علاوة السهم، يُصدر المزيد من الدين، ويُشترى المزيد من البيتكوين.

هذا يؤدي إلى دورة تصاعدية. ولكل دورة تصاعدية دورة هبوطية مقابلة.

وضع الانهيار هذا يُسمى "تقليص القروض تحت استنزاف السيولة".

تخيل: في المستقبل، يدخل البيتكوين سوقًا جانبية طويلة (ليست انهيارًا، بل ركود). تستحق السندات القديمة. يرى الدائنون سهم MSTR أقل من سعر التحويل.

الدائنون ليسوا فاعلي خير، بل مستثمرون مؤسساتيون انتهازيون. لن يحولوا السندات إلى أسهم. سيطالبون: "ادفعوا لنا نقدًا."

هل لدى MSTR نقد؟ لا. كل الأموال في البيتكوين.

تواجه MSTR خيارًا صعبًا: إصدار دين جديد لسداد الدين القديم—لكن مع انخفاض أسعار البيتكوين وضعف المعنويات، ستحمل السندات الجديدة فوائد مرتفعة، ما يستنزف التدفقات النقدية التشغيلية.

أو بيع البيتكوين لسداد الدين.

إذا اضطرت MSTR للإعلان: "نبيع البيتكوين لسداد الدين"، سيكون لذلك تأثير سلبي للغاية على السوق.

يحدث الذعر: "المستثمر الرئيسي في البيتكوين تخلى عن استراتيجيته!" يدفع ذلك البيتكوين للانخفاض، ينهار سهم MSTR، لا يمكن تحويل المزيد من السندات، ويطالب المزيد من الدائنين بالسداد.

هذا هجوم انتهازي شبيه باستراتيجيات Soros.

هذا سيناريو انهيار خطير. لا يتطلب انهيار البيتكوين، بل يكفي الوقت. عندما يحين أجل الدين في سوق راكدة، تتوقف سلسلة التمويل فجأة.

الوضع الثالث: تراجع الثقة

إذا كان السيناريو الثاني هو "نفاد النقد"، فالثالث هو "نفاد الثقة".

هذا يمثل أكبر خطر خفي لـ MSTR والنقطة التي يغفلها معظم المتداولين الأفراد: علاوة التقييم.

عند شراء سهم واحد من MSTR مقابل 100 دولار، فقط 50 دولارًا منها هي قيمة بيتكوين الفعلية. أما الـ50 الأخرى، فهي علاوة تقييم.

قبل صناديق الاستثمار المتداولة الفورية مثل IBIT من BlackRock، لم يكن لدى المؤسسات خيار سوى شراء الأسهم. بعد إطلاق الصناديق الفورية، استمر المستثمرون بشراء MSTR لأنهم يعتقدون أن استراتيجية Saylor المعتمدة على الدين ستتفوق على مجرد الاحتفاظ بالبيتكوين.

لكن هذا المنطق فيه نقطة ضعف كبيرة.

يعتمد سعر سهم MSTR على السرد: "يمكنني اقتراض المال الرخيص لشراء بيتكوين". إذا انهار هذا السرد، تختفي العلاوة.

إذا واصلت وول ستريت الضغط، وأجبر البيت الأبيض أيضًا MSTR على التخلي عن ممتلكاتها، أو إذا قررت SEC فجأة أن "الشركات العامة التي تحتفظ بالبيتكوين غير متوافقة"، تنهار الثقة.

هذا ما يسمى سيناريو "Davis Double Kill".

حينها، يتساءل السوق عن جدوى دفع علاوة على قيمة السهم، وقد يفضل المستثمرون شراء صناديق ETF التي تقدم نفس القيمة بدون مخاطر تشغيلية إضافية.

بمجرد أن يصبح هذا التفكير شائعًا، ستنخفض علاوة MSTR من 2.5x أو 3x إلى 1x، أو حتى إلى خصم 0.9x (نظرًا لكونها شركة ذات مخاطر تشغيلية).

هذا يعني أنه حتى إذا ظل سعر البيتكوين ثابتًا، يمكن أن ينخفض سهم MSTR إلى النصف.

هذا انهيار سردي. لا تنخفض ممتلكات البيتكوين، لكن مركز الاستثمار في MSTR يتقلص بنسبة 60%. وتظهر خسارة تقييم كبيرة.

الوضع الرابع: فخ المؤشر

هذا السيناريو هو الأكثر خفاءً والأقل شهرة.

MSTR تسعى حاليًا إلى تعزيز قيمتها السوقية للانضمام إلى المزيد من المؤشرات مثل MSCI، NASDAQ، وربما S&P 500.

يعتقد البعض أنه بمجرد انضمامها إلى S&P 500، ستتدفق رؤوس الأموال السلبية لشرائها، وسيرتفع السهم بشكل كبير.

لكن الفرص والمخاطر متلازمتان.

بانضمامها إلى مؤشرات الأسهم الأمريكية، لم تعد MSTR مجرد سهم يُتلاعب به، بل أصبحت جزءًا من النظام المالي الأمريكي. تبيع وول ستريت MSTR على المكشوف من جهة، وتنشر أخبارًا عن احتمال استبعادها من المؤشرات من جهة أخرى، ما يثير بيعًا مذعورًا بين المستثمرين الأفراد.

لم تعد MSTR تسيطر على الوضع. حاولت الاستفادة من رأس مال وول ستريت، لكنها أصبحت محكومة بقواعد وول ستريت.

حاولت الصعود باستخدام قواعد وول ستريت، لكنها قد تتأثر بنفس هذه القواعد.

الخاتمة: مصير صراعات السلطة

Michael Saylor يُعد من الشخصيات المؤثرة في المجال. أدرك تراجع قيمة العملات الورقية واغتنم فرصة تاريخية، وحوّل شركة برمجيات متوسطة إلى منصة لمستثمري المخاطر.

لكن حجم البيتكوين الذي تمتلكه الشركة الآن يفوق قدرتها على التحمل.

يتكهن بعض المحللين بأن الحكومة الأمريكية قد تستثمر في MSTR مستقبلاً.

قد يتضمن ذلك مبادلة سندات الخزانة بأسهم MSTR، أو دعم حكومي للأسهم الممتازة، أو تدخل مباشر لتحسين التصنيف الائتماني.

ذروة هذا المشهد لم تظهر بعد. الصراع بين النظامين الماليين الأمريكيين القديم والجديد لا يزال مستمرًا. هيكل MSTR هش: معرض للتقلبات ومقيد بعامل الزمن.

إذا تعطّل عامل حاسم واحد، فإن أيًا من السيناريوهات الأربعة—انهيار السعر، التخلف عن السداد، تبخر العلاوة، أو خطر الاستبعاد من المؤشر—قد يؤدي إلى زعزعة استقرار MSTR بسرعة.

أما إذا تضافرت هذه القوى، فقد تصبح MSTR أحد أكثر الأصول انفجارًا في الأسواق العالمية.

هذه هي جاذبية وخطورة MSTR.

المراجع:

1. مناورة ترامب: الحرب الصامتة بين البيت الأبيض وJPMorgan

بيان:

1. هذه المقالة منقولة من [BlockBeats]. حقوق النشر محفوظة للمؤلف الأصلي [Lin Wanwan]. إذا كان لديك اعتراض على إعادة النشر، يرجى التواصل مع فريق Gate Learn. سنتعامل مع الأمر فورًا حسب الإجراءات المعتمدة.
2. تنويه: الآراء الواردة في هذه المقالة تخص المؤلف فقط ولا تمثل نصيحة استثمارية.
3. النسخ بلغات أخرى مترجمة بواسطة فريق Gate Learn. لا يجوز نسخ أو توزيع أو اقتباس هذه الترجمات دون الإشارة إلى Gate.