والله إني عاجز عن فهم أبوي، مرة يقول ما راح يبيع الذرة. قبل شوي في قروب القرية واحد أعلن إنه يشتري الذرة بسعر 0.96 ريال، وقال اللي عنده يبيع يتواصل معه. أنا على طول رحت نبهت أبوي وقلت له إذا الناس بتبيع، بيع أنت بعد، لكنه قال ليش مستعجل، وقال ذرة الناس كلها رطبة وفيها ماء كثير، أما ذرتنا فهي ناشفة من زمان، ناشفة جدًا. قلت له الذرة مين يقيس نسبة الماء فيها؟ وقلت له بسرعة بيع الذرة ولا تهتم بالسعر، سعر الذرة إذا ارتفع ما راح يزيد إلا هللات، وش الفائدة؟ وذرتنا كلها أقل من 5000 كيلو، حتى لو السنة هذي جاء مطر كثير ونبتت زين، ما راح توصل 5500 كيلو. حتى لو ارتفع السعر كم هللة، الذرة كلها ما راح تزيد قيمتها عن 200 أو 300 ريال، وش الفايدة؟ حتى أصولي في العملات الرقمية تتقلب أكثر، أضرب ضربة وتجيب لي أكثر. أبوي يقول إذا ما بهتم بالسعر ليش أزرع أصلاً؟ قلت له أنا أصلاً من البداية ما كنت أبغيك تزرع، أنت اللي أصريت. الذرة هذه لازم ألح عليه يبيعها، ما ينفع ينتظر لين كل الجيران يبيعون وهو باقي، وإذا جاء موسم الأمطار في الصيف بنجلس نقلق من التسريب، وفي الأخير عشان هالذرة البايخة، ما أقدر أطلع من الريف وأظل محبوس هنا. السنة اللي راحت يوم 29 فبراير بعنا ذرة السنة اللي قبلها، وأنا وأنا أساعد بالغلط انجرحت يدي اليمنى في الماكينة، وجلست نص سنة أتعالج، وأبوي يقول السبب إني أساعد من نفسي. هل أنا اللي غلطان؟ هو اللي ما يبيع الذرة، وأشياء كثيرة في البيت يرميها وما ينظف، وبيت الحوش طاح وما صلح، والأحجار في الحوش ما ينظفها، وحتى الحبوب القديمة لها ست سبع سنين ما باعها، كلها أكلتها الفيران، ويمكن في غرفة الحبوب ساكن فيها فوق 50 فأر، حتى لو طردتهم ما يطلعون. الناس كلها تخزن ذهب، وهو يخزن حبوب وكل ما خزنها نقص سعرها، وحتى الحبوب الجديدة إذا جلس سنة وما باعها تصير قديمة وسعرها ينقص ريال للكيلو، ليه يخسر نفسه كذا؟ وأتوقع جدار الحوش ما راح يصلحه السنة الجاية. لأنه بس يزرع، أذكر يوم كان يزرع ما كان يجلس دقيقة فاضي، بس يزرع ويزرع، وجدار الحوش لو جلس 20 سنة ما راح يصلحه، وقتها يكون عمره فوق 80 سنة، وكبير ما يقدر يسوي شيء.

البيت مليان أكياس بلاستيك، وقدور كهربائية خربانة مكدسة وما يرميها. البيت كله مليان، حتى أحذية قديمة ما تنلبس موجودة، وأشياء كثيرة ما تنفع ما يرميها بس يحطها في البيت. وكل شوي يقول إني أنا ما أنظف، هل أنا اللي ما أنظف؟ هو اللي ما ينظف، يشوف إن كل هالأشياء لها فايدة، إذا قلت له هو اللي مكركب البيت كأنه زبالة، يتهجم علي ويبغى يضربني، وأنا أبكي. والله صرت مكتئب في هالبيت، ولو اعترضت هو أبوي. ولو الناس عرفوا يقولون ولد فلان ما يسمع الكلام، وسمعتنا تصير سيئة. فما لي إلا أتحمل الوضع.

حاولت أنظف الأحجار في الحوش، بس أبوي إذا شافني يقول وقف لا تلمس شيء، يعني أغراضه مو أغراضي، حتى الأشياء اللي أشتريها بنفسي هي بس لي، حتى دفتر العائلة هو اللي دفع قيمته، قبل ما يسجلني في الأحوال المدنية كنت كأني ما لي حقوق. في المدرسة إذا أحد ضايقني ما أقدر أرد، لأني ما عندي هوية، ولو أحد قتلني كأني أستاهل وما أحد يتحمل المسؤولية.

خلاص، هذا اللي عندي، بروح آكل. إذا صار معي فلوس لازم أستقل وأطلع من هالبيت، لازم أهرب من الريف.