هل لا يزال هناك من يتذكر أن التحليل الأساسي كان يوماً ما الطريق الوحيد في عالم التداول؟ لقد بدأت التداول منذ عام 1978، حينها كان قليلون من يستخدمون التحليل الفني، وكان غالبية السوق يعتقدون أن من يمارسون التحليل الفني لديهم مشكلة في العقل. والمفارقة أن بعض صناديق التمويل الكبرى والمؤسسات المالية في وول ستريت قد حولت في وقت سابق نظرتها، واعتبرت التحليل الفني علمًا زائفًا.

وماذا الآن؟ الوضع انعكس تمامًا. كل متداول ذو خبرة تقريبًا يحمل أدوات تحليل فني معينة لتخطيط تداولاته. أما الذين يلتزمون بـ"التحليل الأساسي" الخالص فقد أصبحوا على وشك الانقراض، باستثناء تلك المؤسسات المعزولة والأكاديمية.

السبب وراء هذا التحول الكبير في المفاهيم واضح جدًا — المال. الاعتماد على التحليل الأساسي فقط لاتخاذ قرارات التداول يواجه مشكلة قاتلة من الناحية الجوهرية: عدم القدرة على تحقيق أرباح مستقرة وطويلة الأمد.

إذا لم تكن على دراية كاملة بماهية التحليل الأساسي، سأوضح لك. سواء كانت أسهم، سلع، أو منتجات مالية، فإن التحليل الأساسي هو دراسة جميع العوامل التي تؤثر على العرض والطلب. من خلال نماذج رياضية توازن بين مختلف العوامل — معدلات الفائدة، البيانات المالية، الطقس، وكل شيء تتصور أنه مهم — لتوقع الاتجاه الذي ستسلكه الأسعار في النهاية.

لكن المشكلة القاتلة في هذا النموذج هي: أنه يتجاهل تمامًا العامل الآخر وهو المتداولين الآخرين. سعر السوق يتم دفعه بواسطة معتقدات وتوقعات المتداولين، وليس بواسطة النموذج ذاته. حجم التداول يأتي من المتداولين، وإذا لم يكن المتداولون على علم بنموذجك أو لم يثقوا به أصلاً، فإن جميع المتغيرات التي يعتمد عليها النموذج تصبح بلا قيمة. التحليل والتوقعات؟ لن يكون لها أي فائدة بعد الآن.